شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
149568 مشاهدة print word pdf
line-top
خطورة التفسير باللغة فقط

والآخرون الذين فسروا القرآن بمجرد ما يفهمونه من اللغة راعوا مجرد اللفظ الذي فهموه، يعني: عندهم فصاحة وبلاغة، وراعوا ما يجوز عندهم أن يريد به العربي، من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلِّم به ولسياق الكلام. يعني: ما نظروا إلى أسباب النزول ولا نظروا إلى سياق الكلام، ولا إلى دلالة النصوص، ولا إلى تفاسير السلف.
ثم هؤلاء كثيرا ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة. يحملون الكلام على محامل بعيدة، ويقولون: إن اللغة تحتمل ذلك. كما يغلط في ذلك الذين قبلهم. يغلط الآخرون الذين هم المبتدعة. كما أن الأولين يعني: المبتدعة كثيرا ما يغلطون في صحة المعنى الذي فسروا به القرآن، كما يغلط في ذلك الآخرون. فالطائفتان كلاهما يغلطون في صحة المعنى، وإن كان نظر الأولين إلى المعنى أسبق ونظر الآخرين إلى اللفظ أسبق.
المبتدعة كالمعتزلة نظرهم إلى المعنى، وأما الذين يفسرون بالرأي فنظرهم إلى اللفظ. الأولون كالرافضة. والمعتزلة صنفان: تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به، وتارة يحملونه ما لم يدل عليه ولم يرد به. وهذا يحصل في كل قوم يعتقدون اعتقادا، فيذكرون أو يتأولون دلالات الآيات، يتأولون دلالاتها فإذا جاءتهم الآيات التي فيها ما يخالف معتقدهم حملوها ما لا تحتمل.
مثال: ما يستدلون به كالمعتزلة على نفي قدرة الله تعالى يحرفون قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ وقوله: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وقوله تعالى: فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وقوله تعالى: لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا .
فهذه الآيات لما كانت تخالف معتقدهم صعب عليهم أن يحملوها على مدلولها؛ فصاروا يحرفونها ويحملونها على محامل بعيدة، فيحملونها على أن المراد المشيئة التي ليست مشيئة عامة بل مشيئة خاصة ونحو ذلك؛ فيسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وما أريد به.
وتارة يحملونه ما لم يدل عليه ولم يرد به، وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلا. فالمعنى الذي قصدوه يكون باطلا سواء الذي ينفونه أو الذي يثبتونه، ويتكلفون في كثير من الألفاظ التي لا يستطيعون أن يحرفوها، فيحملونها على محامل بعيدة، فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول. وقد يكون حقا فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول. يعني: قد يكون الدليل غير ظاهر فيما ذكروه، ولكن المدلول الذي أرادوه يكون ظاهرا.

line-bottom